Arabic Hroof website Arabic Hroof website
recent

آخر الأخبار

recent
recent
جاري التحميل ...

قبل ان يهم بالدخول للمنزل التفت الى سفح ربوة عالية .....بقلم الكاتب ✍ عبدالله مسعود أرحومة🌹🌹🌹🌹

 قبل ان يهم بالدخول للمنزل التفت الى سفح ربوة عالية التي تشرف على القرية من جهة الجنوب حيث دفن أمه منذ لحظات ...كانت ريح شتوية باردة تعصف بهامات النخيل وأغصان الشجر الذي يظلل سور المقبرة ...زاغت نظراته وقد فاضت عيناه بالدموع ..أراد أن يبكي أن يصرخ من اعماقه بكل ما في قلبه من لوعة الفراق .....

وقف على عتبة حجرتها التي اسلمت فيها الروح ليلة البارحة... كان سريرها خاليا ...سوى من سبحتها التي توحي بكل مشاعر اليتم ...ومنديل رأسها الباهت اللون مازال على الوسادة ...وزجاجة ماء لم يبق منها الا القليل ...

اتجه الى حجرته ارتمى مرهقا على فراشه ...ارتفع عويله يشق صمت البيت ..

لتردد فيما بعد الجدران  صدى نشيجه الباكي ...

ـــــــــ من لي بعدك يا أماه آثرتي الرحيل وها أنا بعدك وحيدا بعد ان فقدت فيك الأب والأم معا ... ولم يبق لي الا قلبا مترعا بالحزن على فراقك ...من يؤنس وحدتي أذا طال ليل أرقي ...لن اسمع الآن همس تسبيحك عند الفجر 

... ولا صوت خطواتك الخافت سيتناهى إلى سمعي في ردهات البيت بعد اليوم .....

سالت دموعه على الوسادة بعد أن بللت شفتيه فشعر بلمسها حارقا ..وبمذاقها  يسري في حلقه كالملح ...

ـــــــــ رباه لم دموع الحزن غزيرة متخمة بالمرارة تشق الوجنات كسكين حاد ..تزيد من وقع اساك في قلب تصدع ...وروح هامت في بيداء ذكراك ......

مات والده وهو لم يبلغ من العمر سنتان ...فشلت كل محاولات أسرتها في الدفع بها الى الزواج مرة أخرى رغم إنها ما زالت شابة وجميلة أيضا ... كانت ترد عليهم ضاحكة ....

ــــــــ ما هو الزواج ...؟ أليس هو الحياة مع رجل ..أذن سأقضي حياتي مع هذا الرجل 

وتشير نحوي وفي عينيها الواسعتين فرح كل الدنيا ...وفخر كل الواثقين من النصر في معارك الحياة بكل ما فيها من شراسة وما تفرضه من تضحيات ....

كان على والدته ان تؤمن له رغيف الخبز ..فقد رحل الزوج ولم يترك لها من حطام الدنيا سوى بستان صغير به شجرتي زيتون تتوسطهما نخلة سامقة ..وعنزتان يرتفع صياحها بين الحين والآخر من حضيرة تقع وراء البيت ...

لم يكن أمامها سوى ان تعمل بالصوف  تنسج (الحوالي ) ( والبطاطين) لتبيعها بالسوق الذي يلتئم بساحة القرية يوم الجمعة من كل اسبوع ..

كان يطرب لصوت ((القرداش))عندما كان يتوسد ركبتها لينام على صوت (المغزل) برتابة صوته المتقطع ... وتهدهده  دقات (الخلالة) التي تتوالى حتى الهزيع الأخير من الليل ...

الحقته بالدراسة حتى اجتاز مرحلة التعليم الجامعي بتفوق ...ذابت عيناها من السهر ...وتراجع بصرها كثيرا عن ذي قبل فيما اعتراها هزال جعل آهاتها تنبعث وسط الظلام حاملة الكثير من المعانات التي تكابدها بكبرياء 

ولكنها كانت حريصة على توفير كل سبل الراحة له رغم شظف العيش وقسوة الظروف ...حتى اصبح موظفا في مركز مرموق باحد الوزارات بالعاصمة ...كان حريصا على زيارتها كل اسبوع فيراها واقفة أمام البيت لعلها تلمح سيارة قادمة من الطريق الترابي المؤدي الى القرية ..وعندما تراه تهرع إليه بخطواتها المتعثرة لتأخذه في حضنها ودموعها تبلل خديها الغائرين تقبله بشوق وكأنها لم تره منذ أمد طويل ........

ذات مساء ..كان مستندا على ركبتها كما تعود وهو طفل صغير فيما كانت تخلل شعره الكثيف بأصابعها النحيلة ..سمع صوتها مترددا وفي تبراته شعورا بالحرج .........

ــــــــ محمود متى ستتزوج يا بني ..اريد أن ارى احفادك قبل أن أموت ..

قال وقد جفل من كلمة الموت التي انقبض على إثرها قلبه 

ــــــــ عندما يأذن الله يا أماه 

                        ((يتبع لاحقا بحلقة أخرى ))


عن الكاتب

رجاء الكواش

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

Arabic Hroof website