على البال
على بالي ألان مقهى عتيق في ركن المدينة. لا يدخله الطغاة .تمر فلول النمل تحمل جثة الشهيد .والنشيد يحمل الوعيد. يستمر موكب النمل .يصده جدار بقوة الصمت.يخترقه ويستمر .وفي الركن الآخر للمقهى .عاشق ومعشوق .الفكرة جميلة والقبلات تلهب مشاعر القبيلة .والوزن الآخر للعاشق والمعشوق .بكل ذوق رممت به فجواة أرض المدينة .لا شيء نبيل في هذا السبيل .الخطايا تطارد رواد المقهى القصي.كان ابي يقول عن فلول النمل حين تحمل جثة قديمة لحبة قمح .ألا تنبشين الارض ربما جادت بما توجود به الاوطان .في الركن الاخر أمرأة تتسول جندي .يلبس خوذة من الفولاذ.الجندي استهوته عيون المراة وفي الزاوية رجل يراقب .كلهم يعيشون دور المخبرين الذين يلتهمون المعلومات واطفالهم يلتهمون الخواء .وكبارهم يلوكون المضعة والمضغة اصبحت علقة.
على البال يا جبل الطويل .خلفك ينام قمر سعيد .قمر لم يزور الملاهي البالية.اين الضجيح .والصراخ وفتنة إبليس لكل جليس .هل تذكر ياجبلي الاشم يوم طردتنا المدائن لم تستقبلنا سوى المقاهي كان ظلك أوسع من فضاءات المدائن.تشكلت حولك خواصر .ألتحم معها الطريق وزحف المرج على المرج.تكون أرخبيلا أفتقرت له حدائق قرقارش .
هل تعلم ياسيدي ان رواد هذا المقهي .كل واحد منهم لديه حكاية غريبة يدفنها في داخله .حدث ان جلس قربي شاب نحيل.كان اسمرا يدخن بلا توقف .قلت كم سيجارة في اليوم .قهقه طويلا أثار فضول المارة عدا رواد المقهي .ثم قال هل تعلم حقيقة انا لا أحصي شيئين إثنين عندما أضع قوارير الخمر وعلب السيجار لانني أكون قد وصلت إلى عدم الوقوف من الخيط الابيض من الاسود .انا دخلت هذا العالم .عالم لا يدخله سوى المغيبن الرافضين للبقاء.عالم اسمه المدينة إختصرته المقاهي التى تنتشر من هنا إلى آخر الدنيا .إذا أتيحت لك فرصة القي نظرة على رواد البحر .ثم يدخل في نوبة من الضحك .يهدا قليلا ثم يعود ليقول .هل اطرح عليك سؤالا ...هل هؤلاء يدخرون أنفسهم لوظائف شريفة لاطفالهم ويرتزقون منها ..ثم يجيب على نفسه ..لا أظن لا أظن ..هؤلاء يخلعون ثيابهم ويسلمون عريهم گأنهم يعبدون الشمس على الشواطئ المكتظة بامثالهم .ووجهتهم الثانية هي هذه الاماكن .المقاهي نعم يا سيدي المقاهي .
ليس هناك أدمان على شرب القهوة وإنما هناك إدمان على تبادل الحكايات.كلنا نعشق حياة الغير ونكره سيرتنا الذاتية .لسبب واحد فقط حتى لا نكرر مأسينا التى لا نحب ان نتذكرها .هذا ما قاله لي رجل في الاربعين من العمر .يأتي كل يوم وهو يحمل جريدة قديمة وعندما سالته عن السبب قال لا أريد ان أعيش اللحظة كلما تذكرت مرض زوجتي .ومعاناة أطفالى احب دائما أن أتذكر نفسي يوم كنت طفلا جئت من القرية على ظهر دابة ماتت قبل أن نصل إلى هنا .
على بالي كل شيء.أغاني المرسكاوي والمزود واغاني الربيع كما تعلمناها من التلفاز .غدا سوف تسقط حبة القمح من على ظهور النمل وسيعم الطوفان ممالك الغياب يا أرض يباب..وتورق الأشجار ويلبس المرج حلته الجميلة .سنطعم رواد المقاهي خبزا بدلا من شرب القهوة ...
على غالب الترهوني
بقلمي
