ذاكرة ناقصة ..25
منذ زمن لم أرتاد عرافة الحي..مندلها يثيرني من الداخل .يدخل مريديها وأمالهم على حبات الودع ويخرجون محمولين على حياة الحسرة.أذكر تماما ما قالته لي آخر مرة ..سأتغاضى عن الطرقة التى إجتزتها وكأنني أجتاز الصراط . أشعر وكأن أعوانها لا يحبون البشر .أطلقت في طريقي البخور الأحمر .شعرت بدوار شديد .بحثت عن مكان أتوارى فيه لأفرغ جوفي .تمالكت كثيرا .كانت الطرقة تطل على البحر .والبحر لا يضحك لي ..نوافذ مشرعة طوال الممر .وكلما تثاقلت وتمادت قدماي على حملي .أشعر كأنهما يحملان نعش بلا رأس .ولماذا الرأس لأنني لو كنت أحمل رأسي معي لما جئت اليها. إستقبلتني في النهاية شابة كحيلة العينين . أفسحت ما بين ذراعيها . يا مرحبا يا مرحبا .
لا أدري لماذا لم يسعفني الوقت لأتأكد من هذه البهجة التى تشبه صرخة طفل وليد .
أدخلتني نديمتي إلى غرفة لها رائحة الصخأئيب .كان المندل.هو هو مازال في مكانه وثمة جفنة صغيرة في حوفها جمرات إستحالت إلى رماد .قبضت على صدري . رأسي ليس معي وعلي أن أتحمل .أنا. من بلد الرجال .هل تهزمني العرافة بهذه السهولة .إنتظرتها طويلا.قالت نديمتي لا تقلق هي عندها أسرة من تندميرا إبنهم ضاع في شوارع أمريكيا .قلت بسذاجة.هل هذه الكاهنة تعيده إليهم ..إذا فعلت أخبر الانتربول ..قدمت نديمتي الشاي على مهل. لا أنكر .أبحرت في عينيها وهي تقدم لي الشاي .أردت أن أقول فيها شعرا لكن أعوان الكاهنة منعوني .قلت لها أشعر أنني ضيف غير مرعوب فيه .ألا تستقبل مولاتك المعجبين أيضا .ضحكت بنت الجنية.وقالت معجبين بماذا ،؟ لم أشأ أن أقول لها معجبين بك .لحدسي القديم أن نديمات الكاهنات يعتمدن على التمائم لإستثارت قلوبنا .وأنا في تلك اللحظة أجلس قبالتها وفي كل مرة أتحسس كتفي لأن رأسي ليس معي .
قدمت لها رشوة بسيطة وأنا استلم كأس الشاي .إبتسمت لأ أدري إن كنت صادقا أم لا .لكن الذي يهمني أن أظفر بلقاء سيدتها المبجله .بدأت أختنق أعوان المكان يحيطون بي من كل مكان .لا أراهم ولكنني أشعر بهم وكلما تركتني النديمة وحدي .أشعر بجثتي ترتفع عن الأرض .أشعر انهم يعرفون من أنا .سحناتي وتقاسيم وجهي تشي بأنني مخبر عظيم .لكنني لا أخبر السماء عن ما أعرفه .أنا أخبر الحكومة وهي ظل السماء على الأرض .ينقصنا فقط أن نتحلى بشمائل الانبياء .لدينا من الشهداء ما يكفي ليحملوننا على اجنحتهم إلى الجنة .ولكن أين العرافة لتخرجني من هذه الغرفة .أنا مسكين ،!!!!
بعد برهة سمعت صراخ إمرأة في الجانب الأخر .يبدو لي أن الجانب الأخر يطل على حديقة تشي بعمرها الحقيقي كأنها شيدت على يدي فرسان القديس يوحنا.كانت المرأة تصرخ بقوة وثمة إمرأة أخرى تهدئ من روعها.لم تتوقف الاخرى عن الصراخ .كانت تتوعد الجميع .سأبيدكم .إسمعوني جميعا سوف أبيدكم وأدفع بكم إلى المحارق تماما كما فعل ابناء السفلة بالعالم ...بدا لي إنها كانت تدرك ما حولها لأنها أردفت قائلة .هذه الكاهنة التى تتزاحمون على بابها ستبعث بكم إلى الجحيم ..
يالله يا الله أين هي هذه الكاهنة ؟
فجأة دخلت سيدة جميلة في العقد الخامس من عمرها ..تدلت صخائب وتمائم ومجوهرات من عنقها وجيدها المكتنز.كانت تنتظر مني أن أقف لها تبجيلا كما يفعل حثالة المدينة . لأنه رأني أحدهم وأنا أخرج من عندها فصار يقول عني ساحر ومشعوذ .
الحاصل .جلست وهي ترمقني بطرف عين .عليك أن تنتظر حتى ينقضي العام .وها أنا جئت لها بعد أن انقضى كل شيء.قالت لي عند مدخل الطرقة ..
لقد خسر أعداؤك وإنتصرت هيئ نفسك لرحلة طويلة .وهأنا أقدم أخر ورقة ممهورة في حياتي .على دنياي السلام ..
على غالب الترهوني
بقلمي
