الجزء التاسع عشر
رواية الرحيل
أُحيط به من كل جانب ،صرير أنياب الضباع المزعج مع أول دفقة من خيوط الشمس الذهبية ،احس عندها بألم يمزق أحشاءه ،أصدر صرخة رددتها جبال المردة، وا وا وا ووووو
مصيرٌ محتومٌ لكلِ صاحبِ نفسٍ تتمنى السؤ لغيرها .....
لُهَاثُ تلك الأفواه الخبيثة ،وطقطقة أنيابها،لَيوحِ بقرب النهاية المفزعة ...
ضرب الراحلة لتحثَ الخطى ولكنها تسمرت في مكانها من شدة الرعب والفرع المقيت ، [يقال أن الإبل حينما يُحاط بها من قبل مفترس تتبول دماً] اما بالعيد فقد تبول على رجليه من شدة الخوف ؛لوح بعصاه الغليظة ذات اليمين وذات الشمال ،وأطلق صرخات الاستنجاد ، ولكن هيهات ؛ المكان قَفْرٌ ، نعيب غربان المجهول دارت حول رأسه في السماء،مع كل دورة أحس بروحه تصعد للأعلى ؛شريط ذكرياته مر بسرعة رهيبة
==ياويلي لقد ظلمت الكثير ...
سحرت فلان وقتلت بشعوذتي والد إبراهيم ..
دسست له سماً في قعر داره ،سم أحضرته لي الجن السحر [الفودو]
و و و و.....
يارب انقذني ...
لازال سرب الضباع يتوارد من أعلى القمة في خيوط متعرجة عبر الدروب المعوجة والصخرية ...
آخر الواصلين كان الزعيم ، بشعره الأسود المنفوش ، وعيناه التي تقدح كأنها الجمر عوى بكل قوته ،وبمجرد
زمجرته صمت كل من في الوادي
طأطأت الضباع رؤوسها خوفاً
، أما [بالعيد] المشعوذ فقد احس بالمواجهة الرهيبة ، بين يديه الفارغتين وبين أنياب ذلك الشريد
رائحته القذرة غطت على كل من كان بالمكان ..
استجمع [بالعيد ]قوته ولوح بالهراوة في صورة دائرية حتى سُمِعَ لها صوت ريحها ، ونظر نظرة شكر للزعيم ...
الهراوة بيده تدور بسرعة ،فسبحان الله الآدمي حينما يكون في لحظات الأخيرة يتغير إلى وحش كاسر ...
لوح بالهراوة ،وصراخه المشوب بالرعب رَدَّدَ صداه الوادي المخيف
وبضربة من هراوته أصاب الراحلة المسكينة فهوت على وجهها وسقطت ...
هوت على جنبها ؛تتأوه منشدة الألم...
وهو بدوره سقط والهراوة بيده ..
لم يحركْ [الزعيم ] ساكناً وإنما نظر إليه نظرة الإنتقام ؛نظرة العدو اللدود لعدوه..
حرر رجله التي انحرشت تحت جنب الراحلة ، وقف ،تسمر ، تنهد وأطلق استغاثة للبعيد ولكن.
بقلم الشاعر
فيتوري العبيدي
البيضاء ليبيا
يتبع في الجزء العشرين
