غوديفا ... Godiva
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تقديم : - غوديفا أسطورة بطلتها زوجة ملك بريطاني عاش في محيط سنة 1000 للميلاد. طافت تلك البطلة الجميلة عارية في شوارع المدينة نزولا عند رغبة زوجها لعله يتخلي عن الضرائب الثقيلة التي فرضها على أهل مملكته لتمويل حروبه المتواصلة ... وقد تناولت هذه الأسطورة بعض الفنون في الثقافات العالمية لكن – فيما أعلم – لم تتناولها الثقافة العربية، وهو ما سعيت إليه في هذا النص الشعري، مع تعديل طفيف يعبر عن قصدي الجمالي الفكري من كتابتها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فِي الْجَمالِ الْبَهيج يُوجَدُ سِرُّ*** مِثلما جاءَ في الْأساطير ذِكْرُ
رُزِقَتْ غوديفا بهاءً مُثيــــراً *** هَـكَذا يُحْكَى، والْحِكايةُ نَثْرُ
سوْف أحْكيها إثْرَ حينٍ لكمْ في**جَوِّ فَيْضِ الْإحساسِ والْقَوْلُ شِعْرُ
هِيَ كالشّمْسِ في الضُّحى دُونَ غَيْمٍ** والرّبيعُ الْأنيقُ ماءٌ وزَهْرُ
حَوْلَها أشْواقُ الْقُلوبِ تُنادي *** بِالْهَوى والْإعْجابُ نَبْضٌ وبِشْرُ
شَعْرُها رافِلٌ يُناجي سَمـــاءً *** ونَسيمُ الصّباحِ عَزْفٌ وعِطْرُ
وَحْيُها في أهْلِ الْمَدينةِ سَعْدٌ*** وتَمادِي السُّلْطانِ نَحْسٌ وعُسْرُ
كَا للّظَى كانَ في الْحُروبِ جَسوراً**يبْتَغِي الْمالَ والسِّياسةُ غَدْرُ
بِعِنادٍ أجْرَى ضَرائبَ جُـــورٍ *** وتَجَنَّى حتَى تَهَدَّمَ صَبْرُ
ذهَبَتْ لِلْقصْر الْأثيم وقالتْ:** مَلِكِي -إنْ سَمحْتَ- لِلنّاسِ عُذْرُ
مِثْلما تَدْرِي؛ حَلَّ فِينا اضْطِرابٌ** وأصابَ الْبِلادَ قَحْطٌ وقَهْرُ
قال: لا عُذْرَ يا جميلةَ مُلْكي، ***عِنْدَ مَنْ تَذْكُرِينَ لِلدَّفْعِ شَهْرُ
وإذا شِئْتِ، أنْتِ سِعْرٌ .. فقالتْ:**فِي حَلالٍ، وقِيمَةُ السِّلْمِ مَهْرُ
ثُمّ مَرَّتْ أعْوامُ لُطْفٍ مُريحٍ *** ورَعايا السّلْطانِ وُدٌّ وشُكْرُ
هَـكذا حتّى جاءَ ضِيقُ ظُروفٍ *** واخْتَفَى في الْآفاقِ وُسْعٌ ويُسْرُ
حينَها صالَ صاحِبُ الْمُلْكِ جَهْراً**وطَغَى في التّجْمِيعِ والرِّبْحُ صِفْرُ
وَقَفَتْ ذاتُ الْحُسْنِ تُطْفِئُ ناراً،***صاحَ بِالْعُنْفِ زَوْجُها : أنْتِ فَقْرُ
بَعْدَما خَفَّ الْوَضْعُ قالتْ بِهَمْسٍ : *** يا حَبيبي هَـذا وَبَالٌ وشَرُّ
قال : لنْ أتْرُكَ الضّرائبَ إلَّا*** وِفْقَ شَرْطٍ .. هَلْ لَا يَصُدُّكِ أمْرُ؟
ضَحِكَتْ والْأعْماقُ تَشْعُرُ فيها *** أنَّ شَرْطَ السّلْطانِ ذُلٌّ ومَكْرُ
قال: أنْ تَمْتَطِي جَوادَ حُرُوبِي***وتَجُولِي فِي النّاسِ والْوَقْتُ ظُهْرُ
دُونَ ثَوْبٍ .. حَتَّى تَراكِ جُمُوعٌ .. *** رُبّما لِلْجَمالِ يُصْرَفُ دُرُّ !
أخْبَرَتْ قَوْمَها فقالوا : سنَبْقى *** في بُيوتِ الْإسْكانِ، ذَلِكَ سِتْرُ.
وَامْتَطَتْ صَهْوَةَ الْحِصانِ بِدِفْءٍ*** وحَياءٍ، وثَوْرَةُ الرُّوحِ جَمْرُ
أسْدَلَتْ شَعْرَها فغَطّى الْمَباهِي *** ودَعَتْ حَتَّى لا يُفَتَّتَ صَخْرُ
ما رَآهــــا مِنَ الْمَدينةِ إلَّا *** واحِدٌ، عَنْهُ غابَ ضَوْءٌ وطُهْرُ
ثُمَّ عادَتْ لِلْقَصْرِ دونَ ضَجيجٍ ***والرِياحُ التَّغْييرَ في الْقَوْمِ تَذْرُو
صَمْتُها قال إنَّما الصّمْتُ سِجْنٌ***فَلْيُكَسِّرْ ذَا السِّجْنَ مَنْ هُوَ حُرُّ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلم : أ . د . بومدين جلالي - الجزائر
