#نفس_عميق..
أجثو على ركبتيّ، أنصهر من لهيب أنفاسه.
ابتلع الأرض بين ضلوعي، أتنفس غبار الندم.
لم أتجهز بعد لهذا اللقاء؛ لكن القدر أطبق بكفيه على عنقي، ساقني إليك مجبرة، ورماني أمامك لتحاكمني وحدك بلا شهود ولا أدلة.
أتقوقع أمامه من الألم، فلا يفتأ يجلدني كلما تقابلت عيناه مع انكسارة نظرتي إليه.
نحن مذنبان، في عالم يسوده الذكور، وتعاقب فيه الإناث فقط.
ألم يعلم أبداً أن من أخطأت معه لم تكن أنا؟!
بل أنا!!
وها أنا اليوم أغرق أمامه في بحرٍ من دموع، فلا مدّ يديه لينتشلني، ولا حتّى حاول أن يرمي لي ولو مجرد كلمة تنجيني وتجبر خطيأتي.
اختنق!!
اختنق!!
لا أستطيع التمرد والعناد، فصوتي مقيد بداخل حنجرتي!!
لا أقوى على الجدال، ولا استطيع الصراخ في وجهه حتى يتطاير الرذاذ من فمي وأسأله: لماذا غدرت بي؟
لم الحدت بوجداني الذي آمن بصدقك!!
كيف استطعت أن تؤلمني حد الموت!!
ليتني أستطيع أن أصفعك، وأنثر السم في وجهك كعقرب غاضب!!
علني أقتلك!!
أو ليتني أقبّلك!!
كيف؟! وأنا تجرعت قسوته وكأنها الخمر المشتهى بكامل إرادتي، ثملت بلذة الحرام.
ابتعدت عنه قدر المستطاع لكن ماذا أفعل؟!
تلك الطفلة المتعلقة بكفه لا تغادر مخبأها بين رئتي، لا تنضج أبداً، رغم ما قاسته حين غادرتني ملتجئة لسهول العشب المخضرة حول بؤبؤ عينيه.
شغفها العشق وخانتها الأصالة في عطره، كسرها نبض الحنين للماضي في صوته.
ماذا أفعل؟
هل سأبقى مكبلة على أرضه كجذورٍ عطشة تستجر عطفه؟!
هل سأظل عالقة بين خلايا أنامله كدخان سيجاره.
لا ملاذ لي اليوم من سوطك!!
اجلد!!
زد قسوتك !!
علي ابتعد عنك وعن دوارك الذي يغث روحي كلما ارغمتني الظروف على مذاق المرار في لقاءك.
اجلد!!
زد من حدة نظرتك!!
دع رائحة القسوة، والنزوة، والغدر تفوح مع عرقك.
الآن عرفتك!!
اليوم كرهتك!!
تَكسرت قيودي، نعم ولدت للتّو حريتي،
ورفضت أن أصافحك بإرادتي،
ثم أودعت تلك الطفلة الحمقاء داراً للإصلاح، ليعيدوا تربيتها من جديد.
مي عبدالحميد
السودان