الجراح القديمة لا تنسى تختزن بالذاكرة ....وتسبح في شرايين القلب مع دورتنا الدموية لتتغذى بها كل خلية بالجسد ....ترى ما الذي ينسينا جراحنا القديمة أذا نكأت الأيام قشرتها كل مرة وعادت للنزف من جديد.....كيف ننسى جراحنا القديمة والذاكرة تصر على أن تعيد وجع تلك الجراح عبر ما نسميه بالذكريات ..ما زال يذكر حبه القديم...خفقة القلب الأولى وعذوبة استغراق الروح في عالم من السحر والجمال ......
احبها بملئ القلب ..عشقها من اعماق روحه الهائمة بين تعاقب السنين ..وكر الأيام ..كانت بهية الحضور ..واسعة العينين يموج فيهما بريق غامض لم يدرك معناه ..هل هو الق الشباب يعربد في مقتبل العمر ...أم انه الحب الذي يضئ فضاء عينيها بذلك النور الشفاف في رقة الحلم ...بقوامها الفاره ...وخطواتها الرشيقة الراقصة على أنغام تعزفها على أوتار القلب اصابع ملائكية الإيقاع ...فينتشر نغم حضورها تراتيل صلاة خاشعة ...يا لروعة شعرها اللامع تحت اشعة شمس باذخة الضياء ..تضاهرت بحبه سنوات تعاهدا فيها على الزواج ..حتى إنها كانت تردد أمام الجميع انهما مخطوبان ...وأنهما اتفقا على الزواج بعد تخرجها ..ولكن لم تكد تمضي أيام على التخرج حتى سمع بخطبتها الى شخص آخر من عائلة ثرية ...اسقط في يده ...ذبحه الخبر من الوريد الى الوريد... كيف يمكن لها ان تخون عهده وتضحك من سذاجته بهذه البساطة وهو الصادق معها والمخلص لها ..هاهو يقف الآن على شاطئ البحر حزينا حتى درجة الإحتضار ..بائسا والألم يعصف بكيانه مثلما تعصف الريح باشجار الحديقة المقابلة ..شعور بالغرابة يجتاحه فيرى كل شيء من حوله غريبا حتى المدينة وكأنه يراها لأول مرة وكأن المباني التي تحيط به اثار متهالكة تلوح عير متاهات الأساطير ..كانت موحشة وباردة وكئيبة .لم يكن يعرف إن للخيانة مثل هذا الوجع الذي يسحق الآن كل ذرة في كيانه
والألم يتصاعد من اعماقه صراخا يمتزج بهدير الموج وصراخ النوارس المحلقة بفضاء البحر الواسع ...كل ذلك يتسلل الى سمعه وكأنه صوت الناعي يخبره إن ايامه القادمة لن تكون كما كانت ......
.
