Arabic Hroof website Arabic Hroof website
recent

آخر الأخبار

recent
recent
جاري التحميل ...

🌹💐🌹💐لا زلتُ على قيد الحياة"&& ب ✍️ ريم الحسن🌹💐🌹💐

كنتُ أقف على الرّصيف ، والشارع مملوءٌ بالنّاس .. حينما عَبَرَتْ عربة قيادة تُقِلّ رُكّاباً غير مؤلوفون ،
توقّفَتْ أمامي ، أشار لي السّائق بيده أن تعالي ،
أوْمَأتُ برأسي ، أن لستُ أحتاج لمن ينقُلُني وإنما كنتُ أقف في إنتظار صديقة لي ،
كشّر عن أنيابه وحدّق بي بشراسة و أشارَ ثانيَةً أن تعالي .....

تركتُهُ و رُحتُ أركُض ،
وحال ركضي أدرتُ رأسي إلى الخلفْ ،
العربة إختفَتْ ، والرّجلُ يركُض خلفي ،

أصرُخ و لكن لا يسمعني أحدٌ من النّاس ،
أحاول الإتصال بصديقتي و لكنّها لا ترُدْ ،

تنقّلتُ بين الأزِقّة مُحاولةً الفِرار ، ولكنّهُ كان أذكى و أسرع من أن يتوه عنّي ،
وصلتُ البيت أخيرا ،
دخلت ..
أغلقتُ الباب خلفي ، وأخذتُ شهيقاً عميقاً و ألحقتُهُ بالزفير ، أكاد أختنق ،
وماأن نهضتُ رأسي لأسير إلى الدّاخل حتى وجدتُهُ يقِف بجانب الشُّرفة ،
يلفّ مفتاح عربتهِ على إصبعِهِ ويضحك ، ويقول :
" الآن ، إلى أين ستحاولي الرّكض؟"

كانوا أمي و أبي و إخوتي يشاهدون التّلفاز ،
اصرخ بكل ما اوتيت من قُوّة ولا أحد يُلقي لي بالاً ، و هو يتقدّم نحوي دون تردد ....

فتحتُ باب المنزل وخرجتُ أركض ،
والشوارع مُزدحمة ولا يردّ صوتي أحد ،

كِدتُ أفقِد صوتي ولا أحد ينتبه ، كأنّهم أغلقوا آذانهم بقطعةٍ من الفلّين ،
أركض و أصرخ ، تكاد أنفاسي تنقطع ، و أقدامي لم تعُد تحملني وهو لايزال يركض بكل قوّته دون أي تعب ....
دخلتُ أحد الأزِقّة كان في طرفه إشارةً ضوئية ، و ممرّاً للمُشاة ،
كنتُ قد رأيتُ إشارة المُشاة خضراء ، فأخذتُ أركُض دون إنتباه ، ماإن وصلتْ حتى صارت الإشارة حمراء ، دخلتُ الطّريق فصدمتني عربة إسعاف كانت مُسرِعةً في عجل تُقِلّ مريضاً ،
وحينَ وقعتُ أرضاً رأيتُ ذاكَ الرّجل مُستنداً عل الجِدار إحدى قدميه على الأرض والأخرى على الحائط ، شابكا يداه ببعضهما ، ويضحك ...
قلّتني سيارة الإسعاف ،
ما إن وصلنا المستشفى و بادروا بالاسعافات وكانت الدّماء تكاد تجرف الأطبّاء ،
و كانت الغرفة مُكتضّة بالمُسعفين ولا أحد يستطيع فعل شيءٍ يوقف ماأنا فيه من سوء ،

كانوا قد أخبروا عائلتي فأتوا ....
وفي ظل كل تلك الضوضاء سقط رأسي للخلف غائبةً عن كُل ذاكَ المشهد ...
فإذا بي ألمحهُ يقف عند النّافذة ، يُلوّح لي بيديه ، ويبتسم ،

أصبحتُ أصرخ ، وأقفز على السّرير ، أبكي بدل الدّمع دماء ،
ولا أحد ينتبه أو يستمع ،
كانت أمّي تحضنني و أبي يُقبّل رأسي وإخوتي منهم من يركض مع الأطباء لمحاولة إيجاد حلّ ما ، و منهم من هو مُنهار ويكاد يختنق من البُكاء .....

و لكن لا أحد ينتبه لي ...
كنتُ أريد أن أُخبرهم أمر ذاك الرّجل .. دون جدوى ....
بدأ يقترب نحوي تزامناً مع توقّف الأطباء عن الإسعاف ،
تمرّدَتْ دمعةٌ من أسى وندم وحسرة من عيناي ....

و سار أمامي الكثير من المشاهد .....
ذاكَ البِنطال الضيّق ، و أحمر الشّفاه ، عطري المخملي ، وضحكاتي المستعارة ، كعب القدم الذي كان يقبع كل أرضٍ سِرتُ بها ، تلك الموسيقى الصّاخبة التي كُنتُ أنتَشي بها وأنام على دندنتها ، وتلك الكلمات الجارحة التي ألقيتها في قلب البعض ،،،
تلك الرّكعات الفائتة ، والصّيام البالي ،
وهو يتقدّم ،
أخذتُ آخر تنهيدة ، سقطتُ على فخذِ أمّي ..

أمسكني و أخذني معه ... أخذني دون إمهالي القليل من الوقت .... دون إعطائي أيّةُ فُرَصْ .....
استيقضتُ أصرُخ ، و أصرُخ ، و أصرُخ ....
اجتمع أهلي على رأسي في الغُرفة ..

فقلت أُ أنتم تسمعونني ؟،
ثم ،
ثمّ أين ذاكَ الرّجُل المتعجرف ؟..
أينَ أولئكَ الاطبّاء ؟

لِوهلةٍ سادني الصّمت .. حدّقتُ بهِم ...
تحوّلتْ دموعي إلى ضحِكاتٍ صاخبة ، وأنا اركُض في البيت و أقول : "لازلتُ على قيد الحياة .. لا زلتُ على قيد الحياة"

نظرتُ إلى السّماء وقطعتُ عهداً بيني و بين الله
" أنّني سأستقيم "

ريم

عن الكاتب

غير معرف

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

Arabic Hroof website